الذكاء الاصطناعي والتهديد الوجودي للهوية العربية والإسلامية - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. حذَّر العديد من الباحثين في علوم التربية من خطورة ترسخ اللغة الإنكليزية كلغة أولى في عقول أطفالنا، حيث يعتمد هؤلاء الأطفال في بقية حياتهم على استخلاص التاريخ والأدب والحضارة من مراجع إنكليزية تطرح رؤيتها بعيداً عن المراجع العربية والإسلامية.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
هذا التوجه لا يُهدد فقط التراث الثقافي العربي، بل يعمِّق الهوة بين الجيل الجديد وهويته الأصيلة.
ومع التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، تزداد هذه المخاطر تعقيداً، إذ يعمد الذكاء الاصطناعي إلى تشكيل وعي الأجيال بطريقة عميقة وغير مسبوقة، مُستخدماً أدواته القوية لتوجيه المفاهيم والقيم بشكل قد يتعارض مع ما نشأنا عليه من مبادئ وقيم.
إن الذكاء الاصطناعي، رغم وعوده العظيمة في مجال التقدم التقني، يفرض تحديات وجودية وثقافية ودينية على المجتمعات العربية والإسلامية، مهدداً هويتها وقيمها الأصيلة.
من أبرز هذه التحديات هيمنة الثقافة الغربية على معظم أدوات الذكاء الاصطناعي، ما يجعلها تُقدم المحتوى وفقاً لرؤية بعيدة عن ثقافاتنا وتاريخنا.
هذه الهيمنة تُشكِّل وعياً جمعياً عالمياً يُروج للممارسات والقيم الغربية على أنها قيم إنسانية عالمية، متجاهلة الخصوصيات الثقافية والدينية لشعوبنا.
ويكشف طوفان الأقصى والعدوان الهمجي في غزة زيف مبادئ العدالة وحقوق الإنسان كما تُروج لها الدول الغربية، مما يُظهر استبدادها الفكري وسعيها لفرض قيمها كمعايير عالمية.
تناولت العديد من الدراسات هذه القضايا، ومن أبرزها ما أشارت إليه مؤسسة قطر حول ضرورة تطوير تقنيات تُحافظ على الهوية الإسلامية واللغة العربية.
كما ركزت مجلة أوراق ثقافية على أهمية تعزيز مكانة اللغة العربية في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن ضعف المحتوى العربي الرقمي يجعل اللغة العربية في موقف هش كوسيلة للتعبير العلمي والثقافي، مما يهدد مكانتها كلغة قادرة على مواكبة تطورات العصر.
تراجع المحتوى الرقمي العربي ليس فقط مشكلة تقنية، بل انعكاس لتراجع اهتمامنا بصياغة المستقبل العلمي والثقافي بلغتنا الأم، مما يزيد من تهميشها في الأوساط الأكاديمية والثقافية العالمية.
ومن أمثلة التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي، تغيير المفاهيم الأسرية والاجتماعية.
تعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تقديم محتويات تُشجع على الفردية وتقويض القيم الأسرية، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية التي تُعد أساس المجتمعات العربية والإسلامية.
إضافة إلى ذلك، تُروج أدوات الذكاء الاصطناعي أيديولوجيات خفية موجهة للأطفال والشباب، تتعارض مع القيم الإسلامية.
من هذه الأيديولوجيات، تشجيع أنماط حياة غريبة عن بيئتنا، مثل محاربة الزواج التقليدي، والترويج لتكوين أسر من جنس واحد، وتعزيز ثقافة الأقوياء والأغنياء الذين يمتلكون علوم الإنترنت ومفاتيح الذكاء الاصطناعي، مما يُرسخ الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
على صعيد التعليم، يتم تقديم محتوى عالمي لا يُراعي خصوصية المجتمعات الإسلامية أو الثقافات الأخرى، مما يؤدي إلى نشر قيم ومفاهيم تتعارض مع تقاليدنا وهويتنا.
هذا التوجه يُعرِّض الجيل الجديد لخطر فقدان هويته الثقافية والدينية تدريجياً، حيث يصبح التعليم وسيلة لنقل ثقافات وأيديولوجيات غربية بدلاً من تعزيز الهوية المحلية.
إضافة إلى ذلك، تعتمد أدوات التعليم الرقمي التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي على خوارزميات لا تعكس خصوصياتنا، بل تُعيد إنتاج نماذج فكرية تهمش قيمنا وتاريخنا.
ومن المخاطر الكبرى التي يجب التصدي لها، ما يُعرف بالإسلاموفوبيا الرقمية، حيث تُستخدم بعض أدوات الذكاء الاصطناعي لنشر معلومات مغلوطة عن الإسلام وتشويه التشريعات الإسلامية.
هذا التشويه لا يقتصر على التأثير في المجتمعات غير المسلمة، بل يمتد ليشمل أبناء المسلمين أنفسهم الذين يتلقون معلوماتهم من مصادر غير محايدة.
إضافة إلى ذلك، يتم استغلال منصات الذكاء الاصطناعي لتوجيه رسائل عدائية ضد الإسلام بطريقة خفية عبر الألعاب الرقمية ومقاطع الفيديو، مما يؤثر على عقول الأطفال والمراهقين.
رغم هذه التحديات، فإن الحلول ليست بعيدة المنال.
تمتلك المجتمعات العربية والإسلامية العقول الفذة والقدرات اللازمة لمواجهة هذه المخاطر، بشرط توفر الإرادة الصادقة والتخطيط المدروس.
من أهم الحلول تطوير تطبيقات ذكاء اصطناعي تعكس القيم الإسلامية والعربية، وتُقدم محتوى تعليمياً وتربوياً يواكب العصر دون المساس بالهوية.
إضافة إلى ذلك، يجب تعزيز المحتوى العربي الرقمي من خلال دعم المشاريع التي تهدف إلى إنتاج محتوى قوي ينافس عالمياً، مع التركيز على الأدب، التاريخ، والعلوم.
يجب أيضاً توفير التدريب اللازم للعلماء والدعاة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في نشر الفكر الإسلامي بأساليب مبتكرة، مع تطوير أدوات تُساعدهم على التواصل الفعَّال مع الشباب الذين يعتمدون بشكل كبير على المنصات الرقمية للحصول على المعرفة.
إلى جانب ذلك، يمكننا تبني مبادرات مجتمعية لتعليم الأطفال كيفية استخدام التكنولوجيا بحكمة، مع التركيز على تعزيز انتمائهم للثقافة الإسلامية والعربية.
على المستوى الدولي، تُعد الصين نموذجاً ملهماً في مجال تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تراعي الخصوصية الثقافية، وفرضها قوانين صارمة لتنظيم المحتوى الرقمي.
كما أن الدول الإسكندنافية طوَّرت برامج تعليمية تُعلم الأجيال كيفية التعامل مع التكنولوجيا بشكل أخلاقي ومسؤول.
في ضوء هذه النماذج، ينبغي للدول العربية والإسلامية تبني سياسات مدروسة تُحدد أهدافنا من الذكاء الاصطناعي.
وكما نجحت الدول النووية في وضع اتفاقيات تحكم انتشار القنبلة النووية، يجب أن نعمل على وضع إطار قانوني وأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، يضمن حماية القيم الإنسانية والدينية.
إن الدعوة موجهة إلى جميع الدول العربية والإسلامية، وكذلك إلى المؤسسات الوطنية، مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والقائمين على استراتيجيات التعليم، ووزارة الأوقاف في الكويت، لتبني هذا الملف الحيوي.
علينا أن ندرك أن بناء مستقبل يحافظ على هويتنا الثقافية والدينية يبدأ من اليوم، من خلال الاستثمار في أدوات تُعزز هويتنا وتُثبت وجودنا في عالم الذكاء الاصطناعي.
الحفاظ على الهوية ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية لضمان استمرارية أمتنا في مواجهة تحديات العصر.
وزير الصحة الأسبق
كُنا قد تحدثنا في خبر الذكاء الاصطناعي والتهديد الوجودي للهوية العربية والإسلامية - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.