ما قل ودل: تحية للمعارضة السورية التي سحقت في أيام طغيان نصف قرن (2-2) - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. التاريخ يعيد نفسه
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
وجهت في مقال لي قبل أسبوعين تحت هذا العنوان «تحية للمعارضة السورية التي سحقت في أيام طغيان نصف قرن» بكل أطيافها ومذاهبها وألوانها وأيديولوجياتها للنصر الساحق الذي حققته في سورية، فسورية وطن يجمعهم جميعا، وتحريرها من طغيان واستبداد نظام الأسد كان فرض عين على كل سوري، وفرض كفاية على كل عربي، فسورية هي الباب الشرقي للوطن العربي وخط دفاعه الأول، وقد تناولت فيه من بين ما كتبت العروة الوثقى بين الشعبين المصري والسوري، وقد دامت الوحدة بينهما ستمئة عام في الدولة الطولونية، لهذا كان عتبي على بعض الكتاب العرب ومنهم في مصر المتباكين على سقوط بشار الأسد.
وعندما قامت ثورة 1919 في مصر ضد الاحتلال الإنكليزي تلاحمت معها الثورة السورية في العام ذاته في معركة ميسلون التي سقط في أرضها شهيدا وزير الحربية يوسف العظمة، دفاعا عن دمشق ضد الاستعمار الفرنسي التي دخلها الجيش الفرنسي في اليوم التالي، وقد جاء صك الانتداب الفرنسي على سورية جزاء سنمار لسورية التي شارك شعبها في الثورة العربية الكبرى للإطاحة بالحكم العثماني، وقد عمد الجيش الفرنسي على إذلال الشعب العربي في سورية وتمزيقها إلى خمس دويلات هي: دولة لبنان، ودولة جبل الدروز، ودولة العلويين، ودولة حلب، ودولة دمشق.
وعندما انتهى الانتداب الفرنسي على سورية بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء الجمعية العامة للأمم المتحدة توالى مسلسل الانقلابات العسكرية بدءا من انقلاب حسني الزعيم، وبعدها تجمع بعض الضباط طالبين الوحدة مع مصر، كان هروبا من مؤامرة تدبر من الشيوعيين السوريين بدعم موسكو ومؤامرة أخرى لانقلاب تدعمه تركيا بالتنسيق مع أميركا لخلق كيان خاضع لنفوذها، فالتاريخ يعيد نفسه عندما أصبحت سورية في ظل حكم بشار الأسد يحتل أرضها اللاعبون الثلاثة القدامى: روسيا وأميركا وتركيا، بالإضافة إلى لاعب رابع هو إيران، ولكل من هذه الدول حساباتها ومصالحها.
ثورة الربيع العربي السورية
وعندما خرجت المظاهرات في المدن السورية بدءا من 15/3/2011 لتشارك في ثورات الربيع العربي كانت نقية طاهرة، لوجه الله والوطن، فقابلها نظام الأسد بميليشيات مرتزقة يحملون السلاح لإزهاق أرواح المتظاهرين السلميين، فالميليشيات والفصائل العسكرية التي كانت تتقاسم مع اللاعبين الدوليين الثلاثة أرض سورية الحبيبة كان بعضها يتلقى الدعم المادي والعسكري من هؤلاء الثلاثة القدامى وإيران، من خلال حزب الله في لبنان الذي كان جزءا من سورية قبل تقسيمها الى دويلات، وقد خرجت إيران وروسيا من الحلبة سريعا، بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان وحزب الله والضربات الموجعة لهذا الحزب في قادته الذين استشهدوا، الواحد تلو الآخر، ومع ذلك ظل الحزب والمقاومة اللبنانية صامدين في هذه المعركة، الأمر الذي أدى الى اتفاق هش على وقف إطلاق النار، ولكن بعد أن فقدت إيران وحزب لله وسورية، فاعليتهما على الأرض السورية.
ودخلت إسرائيل حلبة الصراع وهي ليست بعيدة عنه، وقد كان نظام بشار حليفا لها، فعلى مدى فترة حكمه وحكم والده حافظ الأسد لم يتحرك نظامهما قيد أنملة للمطالبة بإعادة الجولان، التي احتلتها اسرائيل بعد حرب 1973، وقد انسحب الجيش السوري وقتئذ من مرتفعات الجولان لحماية نظام الأسد في دمشق، فاحتلتها إسرائيل دون حرب، وقامت إسرائيل بعد النصر الكاسح للمعارضة السورية على هذا النظام بتحطيم 80% من مقدرات الجيش السوري العسكرية، وإسرائيل في ذلك السياق لاعب تابع للإمبريالية العالمية، تقوم بالأعمال القذرة لأميركا كما اعترف بذلك وزير الاستراتيجية في حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي في حواره مع صحيفة «وول ستريت جورنال» والذي تناولته بالتحليل في مقال الأحد الماضي.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهي تتوسع في الأراضي التي احتلتها في الجولان وجبل الشيخ الاستراتيجي لتكون سورية دولة مجاورة منزوعة السلاح، ومن ناحية ثالثة فقد وجدت إسرائيل أرض سورية مستباحة للجميع، وهي كالضباع فالضبع هو الحيوان الوحيد من بين كافة الحيوانات الذي يأكل لحم الميت ولكن سورية لن تموت أبدا.
الصمت الدولي على طغيان الأسد
في الموقف الأميركي من الحرب الأهلية الدائرة في سورية وصمتها عن تدمير نظام الأسد مدن بأكملها في سورية وعن السجون والمعتقلات التي أقامها بشار الأسد والتي جعلت الملايين من السوريين يهربون في الشتات والتجاهل الدولي الكامل للتعذيب في السجون والمعتقلات بما يخالف القانون الدولي العام فيما نصت عليه المادة (7) من الاتفاقية الدولية المؤرخة في 19/12/1966 من أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة بالقوة القاسية واللا إنسانية والحاطة بالكرامة فضلا عن المادة (3) من الاتفاقية الاوروبية لحماية حقوق الإنسان المؤرخة في 4 نوفمبر سنة 1950 والمادة (5) من الاتفاقية الاميركية لحقوق الانسان المؤرخة 22/11/1969، والمادة (5) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعب المؤرخ في 27 يونيو 1982 واتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة 12/8/1949 ويقابل الصمت الدولي على التعذيب في السجون والمعتقلات في نظام الاسد ويتلاحم معه صمت عربي.
ولم تحرك أميركا ساكنا في قاعدتها العسكرية على الأراضي السورية، لنجدة الشعب السوري وهي تحمل شعار النظام السياسي الديموقراطي الذي يحترم حقوق الأقليات ويعبر عن كل مكونات الشعوب، والذي يقابله هاجس الإرهاب والقاعدة وداعش ومصالحها التي تحميها في الشرق الأوسط، وحماية قاعدتها الاستيطانية في دولة إسرائيل، وهناك قاعدتان عسكريتان تحميان نظام الحكم في سورية.
غياب التدخل الدولي الإنساني
وبالرغم من أن التقارير الدولية تقرر أن بقاء الأسد في الحكم منذ قيام ثورة الربيع العربي في سورية في 15 مارس 2011 قد أدى الى قتل نحو 350 ألف شخص وأفضى إلى أكثر من مليون مصاب، فضلا عن الألوف المؤلفة من الذين قدر لهم أن يكونوا نزلاء في سجون الأسد ومعتقلاته فضلا عن 14 مليون لاجئ ما بين خارج البلاد أو نازح داخلها، وقد شاهدنا على شاشة التلفاز مدنا قد دمرت كامل مبانيها.
وبالرغم من علم المجتمع الدولي بذلك من خلال أقماره الصناعية واستخباراته، وبالرغم من أن التدخل الدولي الإنساني قد أصبح جزءا من القانون الدولي العام حماية للشعوب من طغيان الدول واستبدادها وقد قامت القوات الأميركية في 30/12/1992 بعملية عسكرية واسعة في مقديشو في الصومال بسبب المجاعة التي عمت في البلاد والتي أدت الى موت أكثر من 300 الف شخص بسبب الحرب الأهلية، تبعتها عملية أخرى في 11/1/1994 بهدف ازالة سوق الأسلحة بمقديشو الا أنه بعد مقتل مجموعة من الجنود الأميركيين في 3 أكتوبر 1993، انسحبت القوات الاميركية من الصومال في 21/3/1994.
كما نجحت الضربات العسكرية لحلف الناتو المؤلمة للقوات الصربية في فض نزاع كوسوفو، خلال الفترة من مارس الى يونيو عام 1999.
وقد اصدر مجلس الأمن قراره رقم 1244 في العاشر من يونيو سنة 1999 يتضمن التأكيد على احترام حقوق الإنسان وكفالة الأمن والاستقلال ومنح الحكم الذاتي لإقليم كوسوفو، إلا أن ما يسترعي النظر في عمليات التدخل الدولي الإنساني أنها كانت إدارة لتحسين أوضاع الدول الكبرى وذلك أن دور الأمم المتحدة أشبه بنادٍ دولي سياسي، وقد نشأت بلا قوه ملزمة لقراراتها أمام تفوق حل الفيتو الذي تملكه الدول الكبرى الخمس وحدها في مجلس الامن، وهو ما دعا الرئيس الأميركي بيل كلينتون في مؤتمر دافوس في يناير عام 1995 الى القول بأنه لابد من التماثل بين أهداف الأمم المتحدة وأهداف الولايات المتحدة الأميركية (التي تقود الإمبريالية العالمية منذ قيام الأمم المتحدة).
والرؤية الأميركية هي سيادة فكرها ومبادئها وعقيدتها دول العالم كافة وهو ما يحدث من خلال العولمة التي نتعارض وحقوق الإنسان.
الفكر البراغماتي الأميركي
وهو تبني سياسة الأمر الواقع، فما تم من دعم تركيا لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع بالتنسيق مع أميركا لقطع دابر روسيا وإيران من منطقة الشرق الأوسط في ظل استراتيجية تراعي مصالح أميركا وحلفائها بالمنطقة، وليس مصلحة السوريين بالدرجة الأولى، وإن حققت آمالهم في القضاء على طغيان الأسد واستبداده وفي أمل في دستور وحكم ديموقراطي، وهكذا الموقف البراغماتي للمعارضة السورية في سياسة الأمر الواقع، بالتعاون مع تركيا وأميركا في القضاء على حكم وطغيان بشار الأسد وتحرير المسجونين والمعتقلين وعودة اللاجئين والنازحين الى ديارهم.
فلنشارك الشعب السوري فرحته التي عمت البلاد، حيث كتب أحد الكتاب مقالا وصف فيه المعارضة السورية في انتصارها بالقول المأثور «إن أكبر النار من مستصغر الشرر»، أي نار أكبر من حكم وطغيان بشار؟! وتحية للاتحاد الأوروبي الذي أقام جسرا جويا للمساعدات الإنسانية لسورية ولم نسمع عن جسر جوي عربي أو خليجي لهذا الغرض.
ولكن يبقى للعرب الدور الأخير في هذا المسلسل الدامي حيث ستتقاسم الدول الخليجية تكلفة إعمار سورية ويقدرها الخبراء بـ400 مليار دولار طواعية، أو جبرا مع قدوم ترامب الى الحكم في 20 يناير وستتقاسم الدول العربية الأخرى أعمال هذا الأعمال والربحية الناتجة عن ذلك لإنعاش اقتصادها المترهل وفي القضاء على البطالة فيها ما لم تأخذ الصين النصيب الأكبر من هذه الأعمال لتدني أسعارها، في مناقصات الأعمال.
كُنا قد تحدثنا في خبر ما قل ودل: تحية للمعارضة السورية التي سحقت في أيام طغيان نصف قرن (2-2) - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.