أعاد تتويج نجم ريال مدريد البرازيلي فينيسيوس جونيور بجائزة "ذا بيست" 2024 التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفوز النيجيري أديمولا لوكمان بجائزة أفضل لاعب في القارة الأفريقية للعام 2024، ومن قبلهما الإسباني رودري بجائزة الكرة الذهبية، الجدل مُجددًا حول المعايير التي يتم من خلالها اختيار اللاعبين الأفضل في السنة من قبل الهيئات الرياضية الدولية والقارية.
وعلى الرغم من أن هذا الجدل وتباين ردود الفعل بين مؤيد ومشكك في نتائج الاستفتاءات هو أمر معتاد في كل سنة، قلما اتفقت الآراء حول أحقية نجم ما بالظفر بالجوائز في موسم بعينه، إلا أن ما حصل في العام الحالي الذي كان مليئًا بالأحداث الكروية، فتح الباب مرة أخرى أمام تساؤلات عديدة بشأن المعايير المعتمدة في عمليات الاختيار وآلية التصويت، التي يرى البعض أن العواطف الشخصية واعتبارات أخرى تتعلق بالرعاة الاقتصاديين باتت العامل المرجح فيها، على حساب الأمور الفنية والإنجازات سواء الفردية أو الجماعية.
لاعبان مختلفان للمرة الثامنة
مُنذ أن أطلق الفيفا جائزة الأفضل في العالم للمرة الأولى في عام 1991 لتنافس الجائزة الأعرق على مستوى كرة القدم الأوروبية (الكرة الذهبية)، وبعيدًا عن سنوات الدمج التي حصلت بين الجائزتين ما بين عامي 2010 و2015، فإن الخلاف في تتويج أفضل لاعب في العام وقع في ثماني مناسبات.
وإذا استثنينا الأعوام التي سبقت عام 1995، وهو العام الذي تم فيه فتح الباب أمام كل لاعبي العالم (وليس الأوروبيين فقط) للفوز بجائزة الكرة الذهبية، فإنه بالإمكان أن نشهد على تباين اسم المتوج بكلتا الجائزتين بدءًا من 1996 حين منحت مجلة "فرانس فوتبول" جائزتها إلى الألماني ماتياس سامر، في حين أن الفيفا قرر منح جائزته إلى البرازيلي رونالدو.
وتكرر الأمر من خلال منح الكرة الذهبية لعام 2000 إلى البرتغالي لويس فيغو، في الوقت الذي نال فيه الفرنسي زين الدين زيدان جائزة لاعب العام حسب الفيفا، وعاد التباين بين نتائج الاستفتاء في الجائزتين ليظهر مجددًا في 2001 بحصول الإنجليزي مايكل أوين على جائزة الكرة الذهبية وفيغو على جائزة الفيفا.
وبعد أن اتفق الطرفان على البرازيلي رونالدو في 2002 عاد الاختلاف مجددًا في عامي 2003 و2004 حيث نال كل من التشيكي بافيل ندفيد والأوكراني أندريه تشيفنشينكو جائزة الكرة الذهبية، بينما ذهبت جائزة أفضل لاعب في العالم إلى زيدان ورونالدينيو على التوالي.
لكن هذا التباين انحسر واختفى تمامًا في حقبة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، إلى أن ظهر مجددًا في عام 2021، حين فاز ميسي بكرته الذهبية السابعة في حين فاز البولندي روبرت ليفاندوفسكي بجائزة "ذا بيست" التي حلت مكان الجائزة السابقة للفيفا.
فينيسيوس ورودري.. تباين جديد في جائزة أفضل لاعب في العالم!
وبينما فاز الفرنسي كريم بنزيما بجائزة الكرة الذهبية لعام 2022 فإن الفيفا منح الأرجنتيني ميسي جائزة "ذا بيست" مع الإشارة إلى أن التباين هنا يبدو مقبولاً بعض الشيء بسبب موعد تسليم الجائزتين، حيث أقيم حفل الكرة الذهبية قبيل انطلاق منافسات كأس العالم في قطر بشهر واحد.
فينيسيوس يحتفل بالتتويج بجائزة ذا بيست
ليشهد عام 2024 تباينًا واختلافًا ثامنًا بين الجائزتين من خلال منح الإسباني رودري جائزة الكرة الذهبية وفوز فينيسيوس جونيور بجائزة ذا بيست 2024.
جدل في القارة السمراء
على صعيد قارة أفريقيا فإن الجدل كان حاضرًا أيضًا مع نيل النيجيري أديمولا لوكمان جائزة أفضل لاعب أفريقي لسنة 2024، خاصة وأن إنجازه الوحيد يتمثل بتتويج فريقه أتلانتا بلقب اليوروباليغ مع تسجيل "هاتريك" في المباراة النهائية أمام باير ليفركوزن الألماني، في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن المغربي أشرف حكيمي الفائز مع باريس سان جيرمان بثنائية الدوري والكأس وكذلك بكأس السوبر الفرنسي، وبالميدالية البرونزية مع منتخب بلاده في أولمبياد باريس كان الأحق بهذه الجائزة.
فيما يرى آخرون أن المصري محمد صلاح الذي توج بلقب كأس الرابطة مع ناديه ليفربول وتألق على المستوى الفردي بشكل لافت للغاية وخاصة مع النصف الأول من الموسم الحالي، كان يستحق أيضًا أن يتوج بالجائزة، وهو ما طرح تساؤلات كبيرة حول ازدواجية المعايير لاختيار اللاعب الأفضل في العالم مقارنة مع الأسماء والمعايير التي تم اعتمادها في أعوام سابقة.
فينيسيوس ورودري.. إنجازات متقاربة واعتبارات خاصة
بالعودة إلى جائزتي الكرة الذهبية و"ذا بيست" لعام 2024، ومن خلال متابعة الإنجازات التي حققها كل من فينيسيوس ورودري فإن مؤيدي تتويج اللاعب الإسباني يشيرون إلى إنجازاته الجماعية مع كل من مانشستر سيتي (توج ببطولة لدوري وكأس الرابطة والدرع الخيرية وكأس العالم للأندية) إضافة إلى فوزه مع منتخب إسبانيا باليورو على الرغم من أنه لم يلعب أي مباراة منذ شهر سبتمبر/أيلول الفائت بسبب إصابة بالغة.
بينما يرى مؤيدو فينيسيوس أنه لعب دورًا أساسيًا وبارزًا على مدار العام في فوز ناديه ريال مدريد بلقب الليغا وكأس السوبر الإسباني ودوري الأبطال وكأس السوبر الأوروبي وأخيرًا كأس القارات للأندية.
وفي تحليل أكثر عمقًا يعتقد كثيرون أن اعتبارات غير رياضية ربما تكون قد أثرت على مسألة التصويت في كلتا الجائزتين، فالمجلة الفرنسية والتي دخل الاتحاد الأوروبي شريكًا وراعيًا اقتصاديًا لها، ربما كان لها توجه خاص ضد ريال مدريد، في ظل موقف الطرفين من فكرة السوبرليغ.
في حين يرى آخرون أن الفيفا لم يشأ أن يُغضِب ريال مدريد ورئيسه فلورنتينو بيريز قبل أشهر فقط من افتتاح النسخة الأولى لكأس العالم للأندية والتي يعول عليها الاتحاد الدولي ورئيسه جياني إنفانتينو كثيرًا من أجل أن تدر لخزائن الفيفا أموالًا كبيرة في الصيف المقبل وفي الأعوام التالية، حيث إن وجود ريال مدريد في البطولة له دور كبير في نجاحها على المستويين الرياضي والاقتصادي.