أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم عن فوز السعودية بحق استضافة كأس العالم 2034 خلال الجمعية العمومية للفيفا التي انعقدت اليوم الأربعاء 11 ديسمبر/ كانون الأول؛ لتكون المملكة أول دولة عربية تحتضن البطولة مُنفردة بالنظام الجديد، وذلك بمشاركة 48 منتخبًا.
وحصل ملف المملكة العربية السعودية في استضافة كأس العالم 2034 على تقييم 419.8 من 500، وهو أعلى تقييم فني يمنحه الاتحاد الدولي لكرة القدم عبر التاريخ لملف تم تقديمه لاستضافة بطولة كأس العالم.
وإلى جانب الإعلان عن فوز السعودية رسميًا بحق استضافة كأس العالم 2034 بعد 10 أعوام، تم التأكيد أيضًا على فوز الملف المُشترك بين المغرب والبرتغال وإسبانيا باحتضان مونديال 2030، على أن تُقام 3 مباريات من هذه النسخة في كل من الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي، احتفالاً بالذكرى المئوية للعُرس العالمي.
ويُنتظر أن تكون 5 مدن حاضرة في استضافة كأس العالم 2034 بالسعودية، وهي الرياض وجدة والخُبر ونيوم وأبها، ويأتي ذلك كإنجاز سعودي يُجسد الدور الريادي والنقلة النوعية والاستثنائية التي تعيشها البلاد في مختلف المجالات، وعلى رأسها المجال الرياضي.
5 مدن سعودية في استضافة كأس العالم 2034
تحتضن المدن السعودية الخمس منافسات كأس العالم 2034 عبر 15 ملعبًا، أبرزها ملعب الملك سلمان الجديد والواقع في شمال العاصمة الرياض، والذي سيستضيف مباراتي الافتتاح والختام لمونديال 2034، وسيصبح الملعب الرئيس الجديد للمنتخب السعودي.
وستُقام المباريات في الرياض على ملاعب "ملعب مدينة الملك فهد الرياضية وستاد الملك سلمان الدولي وملعب جامعة الملك سعود وملعب المربع الجديد وملعب مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية وستاد الأمير محمد بن سلمان وستاد روشن وستاد جنوب الرياض".
وفي جدة ستُلعب المواجهات على أرضيات ملاعب "ستاد وسط جدة وملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية وملعب مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وستاد ساحل القدية"، فيما ستُقام مباريات نيوم على ستاد نيوم، ومباريات أبها على أرضية ستاد جامعة الملك سعود، ومباريات الخبر على أرضية ستاد أرامكو.
ومن أبرز الملاعب التي ستكون في استضافة كأس العالم 2034 ستاد الأمير محمد بن سلمان، الذي يقع بمنطقة القدية على إحدى قمم جبل طويق، ويتميز بتصميم مستقبلي مبتكر غير مسبوق عالميًا، وتكتسي معظم مساحات الواجهات الخارجية له بالزجاج الملوَّن وشاشات LED.
ومن الملاعب الأخرى التي يُنتظر أن تكون مميزة استاد وسط جدة، الذي سيتم بناؤه بتصميمه المعماري المستوحى من التراث المحلي والعمارة الخشبية التقليدية لمنطقة جدة البلد التاريخية، كذلك سيتم تطوير ملعب مدينة الملك فهد الرياضية بأحدث المعايير العالمية، كما سيتم رفع سعته لأكثر من 70 ألف متفرج.
وسيُلبي الملعب الساحلي في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية احتياجات مجتمع المدينة النابض بالحياة، بالإضافة إلى جمالية تصميمه الطبيعي المستوحى من الشعاب المرجانية المذهلة في البحر الأحمر، وفي مدينة الخبر يتربع استاد أرامكو الجديد على شاطئ الخليج العربي، الذي يتسم بتصميم ديناميكي مُستوحى من البحر.
ومن المُتوقع أن يكون استاد نيوم الملعب الأكثر تميزًا خلال استضافة كأس العالم 2034 بعد 10 أعوام، حيث يتواجد على ارتفاع يزيد عن 350 مترًا، ويوفر تجربة استثنائية وغير مسبوقة لحضور مباريات كرة القدم، وتشمل المصادر الأساسية لإمداد الملعب بالطاقة كلاً من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهو ما يُعتبر نقلة نوعية تاريخية على مستوى الملاعب في العالم بأسره.
استضافة كأس العالم 2034 لن تقتصر على 5 مدن
استثمارًا للمساحة الجغرافية للسعودية واستغلالاً لمناطقها المتنوعة، فإن خطة استضافة كأس العالم 2034 ستمتد لـ 10 مدن داعمة للمدن المضيفة، حيث سيتم فيها احتضان بعض معسكرات المنتخبات المشاركة قبيل وأثناء البطولة، وتتميز هذه المدن بمناطقها السياحية التي ستمكّن المنتخبات المشاركة والجماهير الحاضرة من استكشاف موروث حضاري للمملكة، وخوض تجارب سياحية مميزة.
وفيما يتعلق بالإقامة سيكون هنالك ما يزيد عن 230 ألف غرفة مُوزعة على المدن المضيفة والمدن الداعمة لكبار الشخصيات ووفود الاتحاد الدولي والمنتخبات المشاركة والإعلاميين وجماهير البطولة، وفيما يتعلق بمراكز تدريب المنتخبات تم اقتراح 132 مقر تدريب في 15 مدينة، ستستضيف المنتخبات الـ 48 المشاركة والوفود المرافقة لها، تشمل 72 ملعبًا مُخصصًا للمعسكرات التدريبية، إضافة إلى مقرّي تدريب مخصصة للحكام.
وقدم ملف الترشيح السعودي العديد من التفاصيل لـ 10 مواقع مختلفة في المدن المضيفة لاستضافة مهرجان المشجعين، حيث سيقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم باختيار موقع واحد في كل مدينة مضيفة، إذ تشمل قائمة المواقع المقترحة حديقة الملك سلمان في الرياض المقرر أن تصبح أكبر حديقة حضرية في العالم.
مكاسب سعودية بعد الحصول على حق استضافة كأس العالم 2034
مما لا شك فيه أن حصول السعودية على حق استضافة كأس العالم 2034 سيكون له أثر اقتصادي وسياحي هائل، بل يتخطى ذلك إلى مكاسب كبرى للبلاد خلال السنوات العشر المقبلة التي تسبق المونديال وما بعدها، وستُولد الملاعب المونديالية الجديدة في المملكة آلاف الوظائف في قطاع التشييد والإنشاء.
ووفقًا لتقرير شركة "ستراتيجك جيرز" للاستثمارات الإدارية، فقد حصد مونديال قطر عام 2022 مبلغ 17 مليار دولار، وحقق مونديال روسيا 2018 مبلغ 14 مليار دولار، فيما تفوق عليه مونديال البرازيل 2014 بمبلغ 15 مليار دولار، أما مونديال جنوب أفريقيا 2010 فكانت عوائده المالية 12 مليار دولار.
وسيكون الأثر الاقتصادي لمونديال 2034 على المملكة كبيرًا، نظراً لمشاركة 48 منتخبًا حول العالم، حيث سيُحقق مكاسب في الجانب السياحي والنقل والسكن وغيرها من الأمور لمتعلقة بهذا الجانب، إذ سيصل المسؤولون والجماهير من جميع أنحاء المعمورة لمتابعة هذا الحدث الكروي الكبير.
وسيساعد مونديال 2034 السعودية على خلق فرص عمل ووظائف جديدة خلال عشر سنوات في قطاع الملاعب والفنادق والنقل وغيرها، كما أن التعريف بالسياحة السعودية سيكون واسعًا بالموازاة مع مشاركة 48 منتخبًا، مما يعني توسع رقعة الجانب السياحي وتنوعه.
تحديات تنتظر السعودية قبل استضافة كأس العالم 2034
تنتظر السعودية تحديات قوية خلال الأعوام العشرة المقبلة، منها وجود سعات استيعابية مُحددة لاستقبال المشجعين، وذلك بواقع 40 ألف متفرج على الأقل لكل الملاعب المُضيفة لمباريات دور المجموعات (باستثناء اللقاء الافتتاحي) ومباريات ثمن وربع النهائي، بالإضافة إلى مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، و60 ألف متفرج على الأقل لمباراتي الدور نصف النهائي، و80 ألف متفرج على الأقل للمباراة النهائية.
وبالنظر إلى الملاعب السعودية الموجودة حاليًا، نجد بعضًا منها يبدو مناسبًا في استضافة كأس العالم 2034 بعد 10 سنوات، على أن تشهد الأعوام المقبلة مزيدًا من الإنشاءات، ورفع السعة الاستيعابية لبعض الملاعب المُتفق عليها.
كذلك ستقوم السعودية بتوفير ما لا يقل عن 72 مركزًا مُخصصًا للتدريبات، مع وجود 4 مراكز تدريبية مناسبة مُرفقة بكل ملعب مشارك في استضافة المباريات، ومقرَّين مُخصصَين لمعسكرات تدريب الحكام، ويشترط فيفا وجود فنادق مقترنة بهذه المراكز التدريبية.
ومن المُقرر أن تكون نسخة كأس العالم 2034 الثالثة تاريخيًا التي تُقام بمشاركة 48 منتخبًا، بعد نهائيات 2026 في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وكندا، ونهائيات 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، لكن التحدي السعودي يبدو أكبر بمراحل من التحدي الأميركي في مونديال 2026 والتحدي "المغربي - الإسباني - البرتغالي" في 2030؛ وذلك لأن السعودية ستحتضن وحدها البطولة التي انطلقت لأول مرة عام 1930 في الأوروغواي.
وعلى غرار كأس العالم قطر 2022، ستكون السعودية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي، أمام تحدي آخر يتعلق بتاريخ استضافة كأس العالم 2034 وإمكانية إقامة الحدث العالمي في الشتاء؛ بسبب درجات الحرارة المرتفعة صيفًا في منطقة الخليج العربي.