إسرائيل ستشق التحالف الغربي - غاية التعليمية
غاية التعليمية يكتُب.. تشكل المحكمة الجنائية الدولية إضافة حديثة نسبياً للنظام القانوني الدولي، فقد بدأت عملها في عام 2002 فقط، والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل ليست بين 124 بلداً قبلت باختصاص المحكمة، لكن القضاء عليها عمداً سيبعث برسالة خطيرة في وقت يشهد تزايداً في جرأة القوى المستبدة على شن الحرب وانتهاك حقوق الإنسان.
اخر الاخبار العاجلة عبر غاية التعليمية أخبار محلية ودولية، وكذلك أخبار الر ياضة وخاصة كرة القدم يلا كورة و يلا شوت اليوم.
توجيهُ اتهاماتٍ إلى بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بارتكاب جرائم حرب كارثةٌ لإسرائيل، لكنه أيضا مشكلة كبيرة للتحالف الغربي، فالحزبان الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة يؤيدان بشدة إسرائيل في محاولتها التصدي لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزرائها ووزير دفاعها السابق، لكن من المرجح أن تحترم معظم الحكومات في بلدان الاتحاد الأوروبي وأيضا في بريطانيا وأستراليا وكندا قرارَ الاتهام، وسيتوجب عليها، ولو على مضض، اعتقال نتنياهو إذا وضع قدما على أراضيها.
هذا الانقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين سيكون صعبا جدا حتى في الأوقات العادية، لكن وقتنا الحالي أبعد من أن يكون عاديا، فدونالد ترامب الذي سيكون رئيسا اعتبارا من 20 يناير تعهد سلفا باتخاذ إجراءات تهدد بقدر كبير مصالح أصدقاء أميركا، لقد وعد بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% و20%، هذه الرسوم ستشكل ضربة للمصدرين الأوروبيين والآسيويين، الى ذلك، التزامه تجاه حلف الناتو مشكوك فيه، وخطته لعقد صفقة سلام مع روسيا يمكن أن تعرِّض أمن أوروبا للخطر.
اندلاع مواجهة مريرة أخرى عبر الأطلسي (حول إسرائيل هذه المرة) آخر شيء يحتاجه التحالف الغربي، لكن هذا هو القادم، فبعض الوزراء الإسرائيليين يتوقعون بكل سرور أن تسمح إدارة ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وغزة رسميا، وهذا الضم يعتبره الاتحاد الأوروبي خطرا وغير قانوني.
ومن المؤكد تقريبا أن إدارة ترامب ستفرض عقوبات ضد مدَّعي وهيئة المحكمة الجنائية الدولية، كما أن هنالك حديثا أيضا في دوائر الجمهوريين بالقضاء على المحكمة ربما بالتهديد بمعاقبة البلدان التي تمولها، اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي الدول الأربع الكبرى المانحة للمحكمة الجنائية الدولية. إسرائيل ليست حريصة وأيضا الولايات المتحدة كما يبدو على مناقشة التُّهَم الفعلية الواردة في لائحة الاتهام التي تشمل اتهاما لإسرائيل بقتل المدنيين واستخدام «التجويع كوسيلة من وسائل الحرب»، وبدلا من ذلك تبنَّى اليمين الترامبي زعم نتنياهو بأن المحكمة يحركها العداء للسامية، وحقيقة أن المحكمة وجهت الاتهام لبوتين وقادة حماس وقادة أفارقة عديدين يتم تجاهلها مع وَصْم المحكمة وداعميها الأوروبيين بكراهية اليهود.
الواقع أن معظم الحكومات الأوروبية عملت الكثير لدعم إسرائيل منذ أحداث 7 أكتوبر، فبريطانيا وفرنسا شاركتا مؤخرا في أعمال عسكرية لحماية إسرائيل من الصواريخ الإيرانية، وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا ملتزمة تجاه إسرائيل الى حد أنها قد تقاطع المحكمة على الرغم من قبولها بشرعيتها، لكن معظم البلدان الأوروبية ستميل الى الجمع بين تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ودعم النظام القانوني العالمي الذي يفرض قواعد الحرب.
القضايا التي على المحك تتجاوز المسألة الراهنة حول احتمال ارتكاب جرائم حرب في غزة، فمعظم بلدان الديموقراطيات متوسطة الحجم في أوروبا وآسيا تدرك أخطار الارتداد الى عالم تتصرف فيه القوى العظمى والدول التابعة لها دون محاسبة.
بعض الانتهاكات للقانون الدولي من شاكلة عدم الامتثال لحكم صادر عن منظمة التجارة الدولية لا تبدو مخيفة جدا، لكن روسيا بيَّنت عمليا أن تحدي القانون الدولي يمكن أن يعني أيضا الاستيلاء على أراضٍ واختطاف أطفال وقتل مدنيين، ومشروعية الحملة الدولية لردع روسيا ترتكز على القانون الدولي وواسطة عقدها القضية المرفوعة من المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين، وإذا انقلبت أميركا الآن على المحكمة والنظام القانوني الدولي الذي تمثله بعد ترحيبها باتهام بوتين فستنحسر بشدة فرص إقناع العالم بتنفيذ العقوبات ضد روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية.
الصدام الذي يتشكّل بين الولايات المتحدة وحلفائها إزاء إسرائيل جزء من جدال أوسع نطاقا حول مستقبل النظام العالمي، ويرى جون آيكِنبيري أستاذ السياسة والشؤون الدولية بجامعة برنستون أن ترامب يحوِّل الولايات المتحدة الى دولة مراجعة (تسعى الى تعديل الوضع القائم) وتتحدى كل عنصر من عناصر النظام الليبرالي الذي سبق لها أن أنشأته بما في ذلك حرية التجارة والانفتاح تجاه الهجرة وتعددية الأطراف والتحالفات الأمنية والتضامن بين البلدان الديموقراطية وحماية حقوق الإنسان.
القانون الدولي يمكن أن يكون محبطاً وتطبيقه قد يبدو غير مطَّرِد لكن العالم بدون قانون يُحتكَم إليه سيكون مكاناً مخيفاً وخطراً
تشكل المحكمة الجنائية الدولية إضافة حديثة نسبيا للنظام القانوني الدولي، فقد بدأت عملها في عام 2002 فقط، والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل ليست بين 124 بلدا قبلت باختصاص المحكمة، لكن القضاء عليها عمدا سيبعث برسالة خطيرة في وقت يشهد تزايدا في جرأة القوى المستبدة على شن الحرب وانتهاك حقوق الإنسان.
قد تشعر أميركا بوصفها أقوى بلد في العالم أن الاحتكام الى القانون الدولي والمؤسسات الدولية يحتاج اليه الأوروبيون الضعاف فقط، لكن حتى الولايات المتحدة القوية في حاجة الى حلفاء وقوانين دولية، فالتحالفات التي تقيمها أميركا ضد روسيا والصين قائمة على قاعدة الاحتكام الى قانون دولي.
لقد استخدمت الولايات المتحدة مبررات قانونية لتعزيز جهودها في التصدي للصين في بحر الصين الجنوبي وروسيا في أوكرانيا، بل حتى الروس والصينيون دائما ما يحاولون الزعم بأنهم يتصرفون وفق القواعد الدولية، فهم يعلمون أن انتهاك القانون الدولي علنا يفقد البلد الحلفاء ويعرِّضه للعقوبات.
القانون الدولي يمكن أن يكون محبطا وتطبيقه يمكن أن يبدو غير مطَّرِد في كل الأحوال، لكن العالم بدون قانون يُحتكَم اليه سيكون مكانا مخيفا وخطِرا.
*جيديون راكمان كبير معلقي الشؤون الخارجية في «الفاينانشال تايمز»
كُنا قد تحدثنا في خبر إسرائيل ستشق التحالف الغربي - غاية التعليمية بأستفاضة، ويمكنك تصفح جميع الأخبار المتعلقة بهذا الشأن عبر موقعنا غاية التعليمية الالكتروني.